ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ 1820 – 1956 ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺩﻭﺭ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔﺍﻟﻘﺮﻭﻳﺔ ﺑﻘﻠﻢ : ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ

ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ 1820 – 1956 ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺩﻭﺭ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ
ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﺔ ﺑﻘﻠﻢ : ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ
ﻏﺮﺿﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ، ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻭﻟﻮ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻘﺘﻀﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ
ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻭﺍﻟﺒﻨﻴﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﻜﻤﺔ ﻓﻴﻪ، ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﻤﻤﺘﺪﺓ ﺑﻴﻦ
ﺳﻨﺔ 1820 ﻭ .1956 ﺇﺫ ﺷﻜﻠﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺮﺑﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺎﺷﻴﺔ، ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺮﻫﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻟﻜﺴﺐ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ
ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻﺯﺍﻟﺖ ﺗﻌﻴﺶ ﺗﺠﺎﺫﺑﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻭﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ، ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ
ﻭﺍﻟﻬﺎﻣﺶ، ﺍﻟﻐﻨﻰ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ، ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻭﺍﻟﻤﺘﺤﻮﻝ، ﺍﻟﺮﺣﻞ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺮﻭﻥ... . ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﻞ
ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻣﺮﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻛﻤﺔ ﻋﺒﺮ
ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ. ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﻤﺨﺰﻥ ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ. ﺃﻭ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﺑـ
"ﺍﻟﺴﻴﺒﺔ ." ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻮﺍﺯﻳﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ، ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺤﺪﻭﺩ، ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻭﺍﻷﺭﺽ ... ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ؛
ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ. ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺍﺟﺘﺬﺑﺖ ﺍﻷﻃﻤﺎﻉ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ
ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻟﺘﻀﺎﻑ ﻟﺒﻨﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﻟﺒﻨﺎﺕ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺯﻋﺰﻋﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎ
ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ : ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ... ﺇﻟﺦ، ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ. ﻟﺬﻟﻚ؛
ﻭﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺭﻏﻢ ﻭﺻﻔﻨﺎ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻤﻘﺘﻀﺐ؛ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻥ
ﺃﺻﻨﻒ ﻓﻘﺮﺍﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﻓﺘﺮﺗﻴﻦ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺘﻴﻦ ﻭﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺘﻴﻦ، ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﻹﻳﻀﺎﺡ
ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ، ﻭﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻷﻳﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤﺘﺪﺧﻠﺔ ﻓﻴﻬﺎ.
ﺑﺪﺃً ﺑﺎﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ، ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ، ﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ ) ﻭﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﺃﻫﻢ
ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰﺓ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ( ﺩﻭﺭ ﻫﺎﻡ ﻭﻣﻤﻴﺰ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ، ﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ، ﻭﻧﻈﺮﺗﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻨﻪ. ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﺪﺧﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ( ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ) ﺣﺘﻰ ﻣﻐﺎﺩﺭﺗﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻧﺼﻒ ﻗﺮﻥ
ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ . ﻣﺎ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻓﻲ ﺃﺯﻣﺔ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺮﻫﻮﻧﺎ ﺑﻌﺎﻣﻠﻴﻦ
ﺃﺳﺎﺳﻴﻴﻦ، ﺇﻣﺎ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﺎﻟﻤﻮﺭﻭﺙ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻭﻟﻠﺘﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻟﺸﺆﻭﻥ
ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﺃﻭ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﻭﻟﺖ
ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﻗﺤﺎﻡ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺪﺓ ﻭﺳﺎﺋﻞ . .1 ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ: ﻫﻨﺎﻙ
ﺣﻘﺐ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻫﺎ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻮﻥ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺤﻘﻪ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﻳﺔ. ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ
ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ .)1( ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﻞ
ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻣﻤﻴﺰﺍﺗﻬﺎ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺮﻛﻴﺰﺓ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ
ﺧﻼﻟﻬﺎ. ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺪﺩﻩ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﻣﺮﺍﺳﻼﺗﻪ، ﺑﺄﻥ ﺃﻣﻮﺭ ﺃﻫﻠﻬﺎ
) ﺍﻟﺒﻼﺩ( ﻭﺣﺼﻮﻝ ﻣﻌﺎﺷﻬﻢ ﻭﺩﻭﺍﻡ ﻧﻔﻌﻬﻢ ﻭﻋﻤﺎﺭﺗﻬﻢ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺤﺮﺙ ﻭﺍﻛﺘﺴﺎﺏ
ﺍﻟﻤﺎﺷﻴﺔ ﻭﻻ ﺣﺮﻓﺔ ﻣﻀﺎﻫﻴﺔ ﻟﻬﻤﺎ ﻭﺗﻮﺍﺯﻳﻬﻤﺎ .)2( ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻋﻨﺪ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ
ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻠﺰﺍﺋﺮ ﺍﻷﺟﻨﺒﻲ ﻛﺒﻠﺪ ﻏﻴﺮ ﻣﺰﺭﻭﻉ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ . ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ،
ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺪﻫﺶ ﻋﺪﺩ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﻴﻦ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﻴﻦ ﻟﺸﺴﺎﻋﺔ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺰﺭﻭﻋﺔ.
ﻓﻘﺪ ﻻﺣﻆ ﺩﻭ ﻟﻴﺴﻴﺒﺲ (M. De Lesseps) ﻗﻠﺔ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﺛﺔ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ
ﻣﻦ ﺧﺼﺐ ﺍﻟﺘﺮﺑﺔ. ﻭﻋﻨﺪ ﺃﻭﺍﺳﻂ ﺍﻟﻘﺮﻥ، ﺃﻛﺪ ﺑﻮﻣﻴﻲ (A. Beaumier) ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ
ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻤﺰﺭﻭﻋﺔ ﻻ ﺗﻤﺜﻞ ﺑﺎﻟﻜﺎﺩ ﺣﺘﻰ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺳﺘﻐﻼﻝ .)3(
ﻭﺑﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻴﺰﺕ ﺟﻞ ﺍﻟﻌﺎﺋﻼﺕ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻹﻣﺴﺎﻙ ﺑﻤﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻮﻥ ﻳﻄﻠﻘﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ.
ﺍﺗﺨﺬﺕ ﺟﻞ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰﺓ ﻟﻪ ﻃﺎﺑﻌﺎ "ﻣﺨﺰﻧﻲ " )4(، ﻓﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻷﺭﺽ
ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﻖ ﺍﻟﻤﺨﺰﻧﻲ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﻓﻲ ﺍﺷﺘﻐﺎﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﻣﺆﺩﺍﻫﺎ ﺃﻥ "ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ
ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺎﻟﻚ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻄﻲ ﺣﻖ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺑﻬﺎ،
ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﻤﻠﻜﻬﺎ، ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ ﻣﻦ ﺭﻋﺎﻳﺎﻩ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﻤﺎﻝ،
ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺫﻟﻚ، ﻭﻳﻘﻮﻡ ﻫﺆﻻﺀ ﺑﺪﻭﺭﻫﻢ
ﺑﺘﺨﻮﻳﻠﻬﺎ ﻷﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ" .)5( ﻟﺘﺘﺤﻮﻝ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻷﺷﻜﺎﻝ ﻋﻘﺎﺭﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ
ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻞ، ﺗﺴﺘﻬﺪﻓﻬﺎ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﻳﻨﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ
ﺍﻟﻤﺎﻝ. ﻭﺑﺪﻳﻬﻲ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻘﺴﻢ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺑﻮﺭﻳﺔ ﻭﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﻘﻮﻳﺔ
ﻭﺃﺧﺮﻯ ﺗﺤﻤﻞ ﺯﺭﺍﻋﺎﺕ ﺷﺠﺮﻳﺔ؛ ﻭﺗﺘﺤﺪﺙ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ
ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ ﺑﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﺃﻫﻤﻬﺎ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ " ﺃﻣﻼﻙ
ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ" "ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ " "ﺍﻷﻣﻼﻙ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ ." ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻻ ﻓﻘﺪ
ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺔ " ﺍﻷﻣﻼﻙ" ﻓﻘﻂ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻱ ﻧﻌﺖ ﺇﺿﺎﻓﻲ .)6( ﺭﺍﻫﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻼﻃﻴﻦ
ﺍﻟﻌﻠﻮﻳﻮﻥ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﻬﻢ ﻟﻠﺒﻼﺩ. ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻀﺎﻑ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻼﻙ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ
ﺑﺎﻟﺒﺎﺩﻳﺔ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﺑﻬﺎﺋﻢ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﺗﺄﺗﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺟﺒﺎﻳﺎﺗﻪ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ .)7( ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﻼﺣﺔ، ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﻓﻲ
ﻣﺎ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻨﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ ( ﺍﻷﻣﻼﻙ ﺍﻟﻤﺨﺰﻧﻴﺔ )؛ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻗﻮﻯ ﺃﺧﺮﻯ ﻗﺎﻫﺮﺓ،
ﻛﺎﻟﺠﻔﺎﻑ ﻭﺍﻷﻭﺑﺌﺔ ﻭﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻭﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺑﺎﻟﺒﻼﺩ ... ﺇﻟﺦ. ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ، ﻛﺎﻥ
ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﻣﺎ ﻣﻴﺰﻫﺎ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ.
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻮﺍﻧﻰ ﻋﻦ ﺗﺪﺍﺭﻙ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺃﻣﻼﻛﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ،
ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﺤﺎﺷﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﺩ ﻭﻋﺴﺎﻛﺮ ﻭﺃﻧﺴﺎﺏ ... ﺇﻟﺦ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻇﻞ ﺍﻟﻔﻼﺡ
ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﻣﻼﻕ ﻳﺘﺨﺒﻂ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ، ﻻ ﻳﺮﻓﻊ ﺭﺃﺳﻪ ﻣﻦ ﻻﺋﻤﺔ
ﺇﻻ ﻭﺗﺼﻴﺒﻪ ﺃﺧﺮﻯ. ﺫﻟﻚ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻃﺎﻗﺔ ﻣﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﺘﻤﻮﻳﻦ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻲ، ﻭﻟﻠﺪﻋﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ
ﻟﺨﺰﻳﻨﺔ ﻭﺟﻴﺶ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ، ﺃﺗﻌﺒﺖ ﺳﻮﺍﻋﺪﻩ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﺨﺮﺓ، ﻭﺃﻧﻬﻜﺖ ﻣﻮﺍﺭﺩﻩ ﺣﺮﻛﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ، ﻭﺃﻓﻘﺮﺗﻪ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺠﺒﺎﺓ. ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻮﻕ ﻣﺠﺎﻝ
ﻓﺮﺿﺖ ﻓﻴﻪ ﻛﻠﻒ ﻭﻭﻇﺎﺋﻒ ﺷﺘﻰ، ﺷﻜﻞ ﺭﺃﺳﻤﺎﻻ ﺑﺸﺮﻳﺎ ﻫﺎﺋﻼ ﺟﺮﻯ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻓﻴﻪ،
ﻭﺗﻌﺮﺽ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻀﻐﻮﻁ .)8( ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﻘﻴﺮ ﻭﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ... ﺇﻟﺦ. ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ
ﺍﻟﻔﻼﺡ ﺍﻟﻤﻘﻬﻮﺭ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﺑﺄﻱ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ. ﻓﺎﻧﺘﻔﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎﺕ
ﺿﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ، ﻳﻘﻮﺩﻩ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻧﺘﻤﺎﺅﻩ ﺍﻟﻘﺒﻠﻲ( ﺍﻟﻨﺴﺐ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ) ﺃﻭ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﻪ
ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﺑﺰﺍﻭﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ، ﺃﻭ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﺣﻮﻝ ﻓﺮﺩ ﻣﻌﻴﻦ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻋﺴﻜﺮﻱ ﺃﻭ
ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻣﻌﻴﻦ . ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ . ﻓﻴﻐﻨﻢ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﺑﻤﺎ ﻫﺐ
ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ، ﻓﺘﺘﻮﺳﻊ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ، ﻭﺗﻜﺴﺐ ﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﻭﻳﻬﻴﻤﻦ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ
ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺎﺕ ﻭﻣﺆﻥ ﻭﻣﻮﺍﺭﺩ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﺨﻠﺼﻪ ﻣﻦ
ﺭﻗﺎﺑﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺩﺍﺋﻬﺎ. ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻻ ﺗﺴﺘﻘﺮ
ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ، ﻛﻤﺎ ﺍﻟﺤﺮﻛﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻴﺰﺕ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ
ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ . ﻓﺒﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻗﺎﺋﺪ ﻟﻠﺠﻴﺶ، ﺑﺤﻴﺚ ﺃﻥ "ﺣﺮﻛﺎﺕ " ﻭﺩﻭﺭﻳﺎﺕ
ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ، ﺍﻟﺘﻲ – ﻳﻄﻴﺮﻫﺎ-، ﻟﻜﻞ ﺃﺻﻘﺎﻉ ﺍﻹﻳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻠﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ
ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﺑﺮ ﺍﻟﺠﻮﺍﻣﻊ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ، ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺨﻮﺿﻬﺎ ﺿﺪ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
ﺍﻟﻌﺎﺻﻴﺔ، ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺸﺮﻉ، ﻗﺼﺪ ﺍﺳﺘﺨﻼﺹ ﺍﻟﺰﻛﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﻋﺸﺎﺭ، ﻫﻲ ﺣﺮﺏ
ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ .)9( ﺗﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺎﺻﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺨﻀﻌﻬﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎ، ﻟﺘﻔﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻋﺘﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻣﻦ ﻣﻤﺜﻞ ﻣﺤﻠﻲ ﻟﻠﻤﺨﺰﻥ ﻳﻘﻮﻝ: "
ﺃﺷﻐﻠﺘﻨﺎ ﻣﺤﻠﺔ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻟﻬﺎ )...( ﻭﺍﻵﻥ ﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﺍﻟﻀﻌﻒ
ﻭﺍﻹﺟﺤﺎﻑ ﻟﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺑﺄﺩﺍﺀ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻟﻠﻤﺤﻠﺔ )...( ﻣﻊ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ
ﺍﻟﺠﺪﺏ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﺇﺛﺮ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻭﻗﺪ ﻓﺮﻏﺖ ﻣﺨﺎﺯﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺳﻴﺪﻧﺎ
ﺃﻥ ﺭﺃﺱ ﻣﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﻻ ﺷﻲﺀ ﺑﻴﺪﻫﻢ ﻣﻨﻪ .)10( " ﻭﺷﻜﻠﺖ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺄﺯﻣﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ ﻭﺍﻟﻤﺨﺰﻥ ﺣﻠﻘﺔ ﺩﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺘﻮﺍﺻﻠﺔ، ﺗﺎﺭﺓ
ﺗﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮﺓ، ﺃﻭ ﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ ﺍﻟﺪﺍﻋﻤﺔ ﻟﻬﺎ، ﻭﺛﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻑ
ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻤﺨﺰﻧﻲ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ . ﻭﻳﺮﻯ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﻨﻮﻧﻲ ﺑﺄﻥ " ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ
ﻗﺪ ﻭﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺇﻟﻰ ﻏﺎﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺤﺪﺍﺭ ." ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺤﻜﻢ ﺁﺧﺮ ﻹﺩﺭﻳﺲ ﺑﻨﻌﻠﻲ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺑﺄﻥ "ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﻋﺮﺿﺔ
ﻟﻼﺿﻄﺮﺍﺑﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﺘﻦ ﻭﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﻭ ﺍﻻﺧﺘﻼﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ." ﻭﻳﻘﻮﻝ (ﺃﻟﺒﻴﺮ ﻋﻴﺎﺵ :) ..." ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻘﺮﻥ
ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺑﻠﺪﺍ ﻳﻄﻐﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻭﺳﻄﻮﻳﺔ ﺍﻟﺒﺪﻭﻳﺔ ."... ﺇﻧﻬﺎ
ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺜﺒﺖ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ : ﺗﺄﺧﺮ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ )11( ﻋﻠﻰ
ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺻﻌﺪﺓ . ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﺧﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﺭﻳﻌﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﺑﻬﺪﻑ ﺇﻧﻘﺎﺫﻩ، ﺑﻞ ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺮﻛﺎﺕ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻜﺮﺭﺓ
ﻟﻠﻘﺒﺎﺋﻞ ﺑﺎﺗﺠﺎﻫﻪ . ﺛﻢ ﻛﺎﻥ ﺍﺧﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺒﻄﻲﺀ ﻟﻠﺒﻼﺩ، ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ
ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، ﻭﺗﻄﻮﻳﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، ﻭﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ ﻣﻮﻻﻱ
ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻔﻴﻆ ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ، ﻓﻲ ﻓﺎﺱ، ﻳﻮﻡ 30 ﻣﺎﺭﺱ .)12( 1912 ﻭﻣﻦ
ﺃﺟﻞ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ، ﻭﻛﻤﺎ ﺃﺳﻠﻔﻨﺎ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺳﺎﺑﻘﺎ. ﻓﺮﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﻱ، ﺍﻟﻤﺎﺋﻲ،
ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﻲ، ﻫﻮ ﺍﻟﺮﻛﻴﺰﺓ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺒﻨﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﻮﻻﺀ ﻓﻲ
ﻣﻐﺮﺏ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ. ﺳﻮﺍﺀ ﺗﻌﻠﻖ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻤﺨﺰﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﻭﺍﻟﺴﻼﻃﻴﻦ
ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ . ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ
ﺍﻟﺪﻳﻤﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻟﻠﻤﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺁﻧﺬﺍﻙ. ﺃﻭ ﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ ﻭ ﺍﻟﺼﻠﺤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
ﻓﺎﻟﻔﻼﺣﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﻫﻴﻨﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻘﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻻﺕ
ﺍﻟﻤﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻸﻫﺎﻟﻲ. .2 ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ : ﺑﺪﻭﻥ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﻓﺘﺮﺓ
ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺃﻥ ﻳﺪﺭﻙ ﺟﻴﺪﺍ ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ
ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻔﻼﺣﻲ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ .)13(
ﻓﻠﻘﺪ ﺑﺪﺃ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﺪﺓ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻗﺒﻞ
ﺗﻘﺮﻳﺮﻫﺎ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺿﻴﻪ. ﻭﺍﺗﺨﺬ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺃﺷﻜﺎﻻ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ
ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﻨﺢ ﺍﻟﻘﺮﻭﺽ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﻥ ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺍﺕ ﺍﻟﻘﺤﻂ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻋﺔ ﺃﻭ
ﺍﻷﻭﺑﺌﺔ ...ﺇﻟﺦ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ ﻏﻮﺍﻳﺔ ﺍﻟﺴﻼﻃﻴﻦ، ﺑﻌﺪﺓ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺃﺧﺮﻯ
ﺍﺗﺨﺬﺕ ﻃﺎﺑﻊ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺄﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﻣﺎ ﺁﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ. ﻓﻠﻘﺪ ﺭﻓﻊ
ﺟﻮﻥ " ﺩﺭﻳﻤﻮﻧﺪ ﻫﺎﻱ "، ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1855 ، ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻣﻮﻻﻱ ﻋﺒﺪ
ﺍﻟﺮﺣﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ، ﻳﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﻳﻘﺘﺮﺡ ﻋﻼﺟﺎﺕ ﻟﻠﻨﻬﻮﺽ ﺑﻪ، ﻓﻘﺪ
ﺃﻛﺪ ﻫﺎﻱ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﺒﻼﺩ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻟﻬﺎ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺨﺼﺒﺔ ﻭﻣﺠﺎﺭﻱ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ،
ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺳﻲ ﻭﺍﻟﺴﺎﻛﻨﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﺭﺓ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻣﻤﻜﻦ ﺑﻌﻮﻥ ﻣﻦ
ﺍﻟﻠﻪ .)14( ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺳﺎﻝ ﻟﻌﺎﺏ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﻴﻦ ﻟﻤﺎ ﻋﺮﻑ ﺁﻧﺪﺍﻙ ﻣﻦ ﺛﺮﻭﺓ
ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ، ﻭﻭﺟﻮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﻣﺠﺎﻭﺭﺓ ﻟﺜﺮﻭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻝ
ﺷﺎﺳﻌﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺩﻓﻌﺖ ﺑﺎﻟﺒﻌﺾ ﺇﻟﻰ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺑﻜﺎﻟﻴﻔﻮﺭﻧﻴﺎ. ﻭﺍﺳﺘﺪﻝ
ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻏﻨﻰ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺑﺤﺮﻛﺘﻪ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﺔ ﻭﺑﺈﻧﺘﺎﺟﺎﺗﻪ
ﺍﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﺮ، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻤﺎﺷﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺒﻮﺏ ﻭﺍﻟﺨﻀﺮ ﻭﺍﻟﺼﻮﻑ ﻭﺍﻟﺠﻠﺪ ...)15( ﺇﻟﺦ.
ﻭﻗﺪ ﻋﻤﻠﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ، ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻌﺮﻗﻲ،
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ . ﻓﺒﻨﺖ ﻛﻞ ﺧﻄﻄﻬﺎ ﻟﻐﺰﻭ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ
ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺑﻨﻴﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻭﺗﺠﻬﻴﺰﺍﺗﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﺎ ﺗﻤﻠﻴﻪ
ﺿﺮﻭﺭﻳﺎﺕ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺛﺮﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ، ﻣﻦ ﻓﻼﺣﺔ ﻭﻣﻴﺎﻩ
ﻭﻣﻨﺎﺟﻢ .)16( ﻭﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺭﻁ ﻓﻲ ﻋﺪﺓ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﻜﻠﻔﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ،
ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ، ﺗﺒﺬﻝ ﻗﺼﺎﺭﻯ ﺟﻬﻮﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪ ﻣﺎ ﺃﻣﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻭﺟﻪ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺎﺕ
ﻭﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺿﺎﺕ ﺑﺎﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺷﺒﻪ ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻠﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﺔ، ﻣﻊ
ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺰﻝ ﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﺛﻢ ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻬﺎ ﺑﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ
ﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﻌﻬﺎ .)17( ﻭﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﺮﻛﻴﺰﺓ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﻫﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻃﻨﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮﻥ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺪﻳﻤﻐﺮﺍﻓﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ
ﻏﺎﻣﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﺗﺪﺧﻠﻬﻢ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﺑﺎﻟﺒﻼﺩ. ﻭﻗﺪ ﺭﺍﻓﻖ ﻧﻔﺲ
ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺃﻗﻞ، ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﺴﻜﺎﻥ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ
ﺧﻼﻝ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ، ﻟﻤﺎ ﺷﺎﺏ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺛﻐﺮﺍﺕ ﻭﺍﺑﺘﻌﺎﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ، ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺇﺣﺼﺎﺀﺍﺕ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ
ﻣﺮﺕ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻨﻬﺎ 1931) – 1926 – (1921، ﻭﻣﻨﺎﻃﻖ ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ
ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ .)18( ﻛﻤﺎ ﻧﻈﻢ ﺇﺣﺼﺎﺀ ﺁﺧﺮ ﺳﻨﺔ 1936 ﻭﺁﺧﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻤﻞ
ﻭﺃﻟﻐﻴﺖ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ﺳﻨﺔ .1947 ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﺠﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﺔ ﻫﻲ ﻭﺣﺪﻫﺎ
ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺣﺮﻳﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﺣﻮﻟﻬﺎ،
ﺩﻳﻤﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺎ .)19( ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﻃﻴﺎ
ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎﻝ، ﻓﺈﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ
ﺍﻧﺘﺒﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﺗﻔﺎﻧﻴﻪ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ . ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻞ
ﻣﺴﺎﻋﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ ﻭﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺘﺠﻪ ﺻﻮﺏ ﻫﺆﻻﺀ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ. ﺑﻴﻨﻤﺎ
ﺗﺄﺗﻲ ﻓﺌﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ. " ﻓﺎﻟﻘﻴﺎﺩ، ﻫﻢ ﻣﻤﺜﻠﻮﺍ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺒﻮﺍﺩﻱ،
ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻮﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﻭﻥ ﻋﻦ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﺒﻮﺍﺩﻱ ﺣﺴﺐ
ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻷﻋﺮﺍﻑ . ﻭﺍﻟﻮﺍﺳﻄﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻱ ﻭﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﻮﺍﺩﻱ" .)20(
ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﻠﻘﻮﻥ ﻣﻜﺎﻓﺌﺎﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﻪ ﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ.
ﻟﻜﻦ ﺗﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻣﻮﻻﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻔﻴﻆ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻠﻚ، ﺑﻌﺪ ﺗﻮﻗﻴﻌﻪ ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ.
ﻭﻣﺎ ﻟﺒﺚ ﺃﻥ ﻏﺎﺩﺭ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏّ، ﺗﺤﺖ ﻭﻃﺄﺓ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻭﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ
ﻣﻦ ﻟﻴﻮﻃﻲ. ﻭﺍﻧﺘﻘﻞ ﻋﺮﺵ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﻴﻪ ﻣﻮﻻﻱ ﻳﻮﺳﻒ، ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﻟﻴﻮﻃﻲ
ﻓﺄﺣﺴﻦ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ؛ ﺇﺫ ﺭﺁﻩ ﻻ ﻳﻤﺜﻞ ﺃﻱ ﺗﻬﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺮ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ .)21( ﻟﻢ ﻳﺜﻦ
ﺷﻮﻛﺔ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺇﻻ
ﺑﺸﻖ ﺍﻷﻧﻔﺲ. ﻭﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻛﺘﺐ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻀﺒﺎﻁ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺷﺎﺭﻛﻮﺍ ﻓﻲ ﺣﻤﻠﺔ
ﺍﻹﺧﻀﺎﻉ ﻫﺬﻩ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﻒ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻗﺎﺋﻼ: " ﻟﻢ ﺗﺨﻀﻊ ﺃﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
ﺩﻭﻥ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ، ﻭﻟﻢ ﺗﺄﺕ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻗﻂ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﻫﺰﻳﻤﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ، ﻭﻛﻞ
ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﻌﺮﻛﺔ، ﻭﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺟﺪ ﺣﺪﺍ ﺟﺪﻳﺪﺍ
ﻛﺎﻥ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﺪﺍﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﺑﺨﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺼﻮﻥ ﻳﺤﺮﺳﻬﺎ ﺭﺟﺎﻟﻨﺎ ﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻭﻫﻢ
ﻣﻌﺮﺿﻮﻥ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺠﻨﻮﺍ ﺃﻱ ﻣﺠﺪ .)22( " ﻓﻠﻢ ﺗﺨﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ
ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻣﻦ ﺧﻴﺎﻧﺎﺕ ﻋﺪﺓ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ "ﺍﻟﻤﺘﺴﻴﺒﺔ "، ﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ
ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ﺁﻧﺪﺍﻙ. ﻓﻄﻴﻠﺔ ﻣﺪﺓ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ، ﺳﻴﻌﻤﻞ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﺎ
ﺃﻣﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻀﻤﻨﻬﺎ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻷﺟﻨﺒﻲ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ . ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻮﻃﻴﺪ
ﺍﻷﺳﺲ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻦ ﺳﻠﻄﺎﺗﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺛﻤﺔ ﻳﺘﺤﻮﻟﻮﻥ، ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺪﺭﻳﺠﻲ، ﻣﻦ
ﻗﻮﺍﺩ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﻼﻛﻴﻦ .)23( ﻓﻠﻘﺪ ﺍﺗﺠﻪ ﻣﻼﻙ ﺻﻐﺎﺭ ﻭﻣﺘﻮﺳﻄﻮﻥ ﻛﺜﺮ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻤﻠﻚ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻟﻸﺭﺍﺿﻲ ( ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺴﺎﻛﻨﺔ ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﺔ – 600,000 ﺷﺨﺺ –
ﻳﻤﺘﻠﻚ ﻧﺼﻒ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺰﺭﺍﻋﺔ، ﺃﻱ 2 ﻣﻠﻴﻮﻧﺎ ﻫﻜﺘﺎﺭ .) ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻈﻬﺮ
ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻠﻜﻴﺔ " ﺍﻟﻘﻴﺎﺩ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ "، ﺇﺫ ﺃﻥ 7500 ﻣﻦ ﺍﻹﻗﻄﺎﻋﻴﻴﻦ ﻳﺘﻘﺎﺳﻤﻮﻥ
ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ 1,8 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻫﻜﺘﺎﺭ؛ ﺃﻱ ﺭﺑﻊ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﻔﻼﺣﺔ )...( ﻭﻛﺬﻟﻚ
ﺷﺎﺭﻙ ﺍﻟﻤﻼﻙ ﺍﻟﺤﻀﺮﻳﻮﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﻤﻠﻜﻴﺔ ﻟﻸﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻣﻦ ﺣﻮﻝ
ﺍﻟﻤﺪﻥ. ﻭﺇﺟﻤﺎﻻ، ﻓﻘﺪ ﻋﺎﺩ ﻧﺰﻉ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻼﻙ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﻳﻴﻦ ﺑﺨﻤﺴﺔ
ﺃﺿﻌﺎﻑ ﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ .)24( ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﺟﻮﻟﻴﺎﻥ ﻛﻮﻟﻮ
Couleau ﻳﺼﻒ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ: " ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ "، ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻨﺨﺐ
ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ : ›› ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺃﻥ
ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﻭﻻﻳﺘﻪ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻣﻊ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻷﺩﺍﺓ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻀﻤﻨﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ) Jemàa
( ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺳﺎﻋﺔ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ﻗﺪ ﺣﻠﺖ، ﻭﻣﻨﺬ ﺍﻵﻥ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﺮﺋﻴﺲ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻭﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻫﺬﻩ، ﺃﻱ ﺛﻘﻞ ﻳﺬﻛﺮ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ
ﻣﻐﺮﺏ ﺍﻟﺴﻬﻮﻝ ﺑﺎﻟﺨﺼﻮﺹ، ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻷﻓﺪﺡ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ، ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺑﺪﺍ
ﺃﻱ ﻓﻼﺡ ﻗﺪ ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻘﻮﺍﺩ ﺍﻟﺠﺪﺩ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﺩ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻭﺍﻟﻤﻘﺪﻣﻴﻦ، ﺇﻻ
ﻭﺃﺟﺎﺑﻚ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﻦ ﻭﺍﻗﻊ ﺃﻧﻬﻢ " ﻳﺄﻛﻠﻮﻥ" ﺣﻘﻮﻕ ﻣﻮﺍﻃﻨﻴﻬﻢ، ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﺍ
ﺃﻭ ﺫﺍﻙ .)25( ‹‹ ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺳﺎﻛﻨﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ، ﻫﻮ ﻣﺎ ﺃﺿﻌﻒ ﺷﻮﻛﺘﻬﺎ ﻭﻓﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ. ﻓﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ ﻣﻊ
ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﻗﻮﺍﺩ ﻭﺷﻴﻮﺥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ،
ﺃﺿﻌﻒ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻌﻴﻦ ﻋﻦ ﺃﺭﺿﻬﻢ ﻭﻓﻼﺣﺘﻬﻢ. ﻓﺎﺳﺘﻜﺎﻧﻮﺍ ﺃﺧﻴﺮﺍ؛
ﻓﺎﺳﺘﻘﺮ ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻓﻘﺪﻭﺍ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﻢ ﺍﻟﺨﺼﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻬﻮﻝ. ﻓﺒﺪﺃ
ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﻛﻌﻤﺎﻝ ﺯﺭﺍﻋﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻝ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ. ﻓﺎﻧﻬﺎﺭﺕ ﺍﻟﺘﻌﺎﺿﺪﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ، ﻭﺍﺧﺘﻔﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻬﻦ، ﻣﺜﻞ
ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺑﻔﻌﻞ "ﻧﺰﻉ ﺃﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ "، ﻭﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ، ﺑﻔﻌﻞ ﺗﻄﻮﺭ
ﺍﻷﺧﺬ ﺑﺎﻹﻧﺎﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ، ﻭﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻷﻗﻔﺎﻝ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﺳﺘﻴﺮﺍﺩ ﺍﻷﻗﻔﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ.
ﻛﻤﺎ ﺗﺄﺛﺮﺕ ﻛﺜﻴﺮﺍ، ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻻﺳﺘﻴﺮﺍﺩ، ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮ ﺍﻟﺰﻳﺖ ﻭﻧﺴﻴﺞ ﺍﻟﺼﻮﻑ ﻭﺍﻟﻘﻄﻦ
ﻭﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻄﺮﺍﺑﻴﺶ . ﻭﺍﻧﻬﺎﺭﺕ ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻂ ﺍﻻﺳﺘﻴﺮﺍﺩ، ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺠﻠﻮﺩ، ﻭﺑﻔﻌﻞ ﺗﻘﻠﺺ
ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﺼﺎﻥ ﻛﻤﻄﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﺍﻧﻬﺎﺭﺕ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﺮﻭﺝ، ﻭﺍﺧﺘﻔﺖ ﺍﻟﻤﻄﺎﺣﻦ
ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺑﻔﻌﻞ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﺣﻦ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ، ﻛﻤﺎ ﺍﺧﺘﻔﺖ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺑﻌﺾ ﻣﻮﺍﺩ
ﺍﻷﺷﻐﺎﻝ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ . ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﺪﺓ،
ﺗﺤﺚ ﺿﻐﻂ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻥ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺑﺆﺱ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ
ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻣﻲ ﺑﻔﻌﻞ ﻫﺠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻭﻫﻤﺠﻴﺔ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﻐﺰﻭ
ﻭﺇﻫﻤﺎﻝ ﺳﻠﻄﺎﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ )26( ﻟﻠﻔﻼﺣﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ
ﺣﺴﺎﺏ ﻣﺰﺍﺭﻋﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﺘﻠﺔ . ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﻤﺮﺩﻭﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ
ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﺨﻠﻒ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ، ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ
ﺣﻮﺯﺓ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ ﺗﻌﻄﻲ ﻣﺮﺩﻭﺩﻳﺔ ﻻ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﻤﺮﺩﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﻋﺼﺮﻳﺔ .)27( ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻭﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻳﺘﻌﺪﻯ %1 ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ ﻓﻲ
ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭ %10 ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ.
ﻓﻔﻲ ﺳﻨﺔ - 1955 1956، ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ 1700 ﻓﻼﺡ ﻣﻐﺮﺑﻲ
ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻥ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﻟﺤﺮﺙ 275.000 ﻫﻜﺘﺎﺭ .)28( ﻭﻗﺪ
ﻇﻞ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺧﺎﺭﺝ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﺭﻛﺰ ﻋﻠﻰ
ﺗﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﻴﻦ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ، ﻣﺜﻞ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻤﺎﺩ ﻭﺍﻟﺒﺬﻭﺭ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭﺓ ﻭﻭﻗﺎﻳﺔ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ
ﻭﺍﻷﻋﺸﺎﺏ ﺍﻟﻀﺎﺭﺓ . ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻮﻥ ﻳﺤﺮﺻﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﻬﺬﻩ
ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﻴﺮﺍﻧﻬﻢ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ، ﻟﻴﺤﺎﻓﻈﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻮﻕ ﺇﻧﺘﺎﺟﻬﻢ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﻓﻈﻞ ﺍﻟﻔﻼﺣﻮﻥ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ ﻳﻌﺘﻤﺪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻭﺭﺛﻮﻩ ﺃﺑﺎ ﻋﻦ ﺟﺪ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ
ﻭﻃﺮﻕ ﺯﺭﺍﻋﻴﺔ . ﻭﻗﺪ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺠﺄ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ
ﺍﻟﻮﺍﻋﻴﻦ ﺇﻟﻰ "ﺍﻟﺘﺠﺴﺲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﻲ" ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﻴﻦ ﻋﺒﺮ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ
ﻣﻌﺎﺭﻓﻬﻢ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺰﺍﺭﻉ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﻴﻦ، ﻻﻛﺘﺸﺎﻑ ﺳﺮ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ
ﺑﻴﻦ ﺇﻧﺘﺎﺟﻬﻢ ﻭﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﻴﻦ، ﺃﻭ ﺳﺮ ﻋﺪﻡ ﺗﺄﺛﺮ ﺣﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﻴﻦ ﺑﺄﻣﺮﺍﺽ ﺗﺠﺘﺎﺡ
ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﺃﻭ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺨﻠﺺ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻋﺸﺎﺏ ﺿﺎﺭﺓ ﺗﻌﺠﺰ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ
ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻓﺤﺘﻬﺎ .)29( ﻛﻤﺎ ﺷﻜﻞ ﺍﻟﺮﻱ ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ ﺃﻫﻢ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ
ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ. ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺜﻤﺮﺕ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ
ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﺪﻭﺩ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻘﻴﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﺨﺼﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺳﻂ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﺏ . ﻓﺒﻨﺖ 6 ﺳﺪﻭﺩ ﻭﺃﻧﺸﺄﺕ
8 ﻣﺪﺍﺭﺍﺕ ﻣﺴﻘﻴﺔ، ﺗﺸﻜﻞ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ .)30( ﻣﺎ ﺟﻌﻞ
ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺤﺼﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﻮﺟﺎﺕ ﻓﻼﺣﻴﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﺍﻟﺼﻠﺐ
ﻭﺍﻟﺸﻌﻴﺮ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﻄﻨﻴﺎﺕ ﻭﺑﻌﺾ ﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ﺍﻟﻐﺰﻝ ﻭﺃﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ .)31( ﻓﺎﻧﺪﻓﻊ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﺤﺪﺛﺘﻬﺎ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ
ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺁﻧﺪﺍﻙ، ﻭﺑﻨﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺪﺓ ﻣﺼﺎﻧﻊ ﻭﻣﻨﺸﺂﺕ ﺇﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﻋﻤﻮﻣﻴﺔ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ
ﺳﻴﻄﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺟﻞ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺰﺭﺍﻋﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ. ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺃ ﻳﻨﺘﺎﺑﻬﻢ
)ﺍﻟﻔﻼﺣﻮﻥ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ( ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻣﺴﺘﻬﺪﻓﻮﻥ ﻓﻲ ﻛﻴﺎﻧﻬﻢ ﺑﺤﺪ ﺫﺍﺗﻪ. ﺇﺫ
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﻏﺒﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻬﻢ ﻧﺤﻮ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻴﻞ
ﺯﺭﺍﻋﺘﻬﺎ، ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻬﻮﻝ ﺍﻟﺠﺎﻓﺔ، ﻭﺍﻟﻮﺍﺣﺎﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ .)32( ﻭﻣﻊ ﺃﻫﻢ
ﺗﺪﺧﻞ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺗﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﻳﺔ، ﺍﻟﺘﻲ
ﺍﻧﺘﺰﻉ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻭﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﺃﻟﻒ
ﻫﻜﺘﺎﺭ .)33( ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﻴﻦ ﻻ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻜﻴﺎﺕ
ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ ﺣﻴﺚ ﻭﺻﻠﺖ ﻧﺴﺒﺔ ﻫﺆﻻﺀ ﺣﺴﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ،
ﺇﻟﻰ %33 ﺳﻨﺔ .1932 ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﻘﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻬﺪﻩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ
ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺣﺪﺗﻪ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻟﺴﻨﺔ 1929 ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻃﺎﻟﺖ
ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﺍﻟﺒﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ . ﻓﻔﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻧﻘﺮﺃ ﺃﻥ ﺃﺛﻤﺎﻥ ﺍﻟﻘﻤﺢ
ﻭﺍﻟﺒﻮﺍﻛﺮ ﻭﺍﻷﺑﻘﺎﺭ ﻭﺍﻷﻏﻨﺎﻡ، ﺍﻧﺨﻔﻀﺖ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ %60 ﺑﻴﻦ ﺳﻨﺘﻲ -1927
.1935 ﻭﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺒﺤﻮﺙ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺠﺰﺕ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎﺕ، ﻧﻘﺮﺃ ﺃﻳﻀﺎ
ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺀ .)34(
ﺣﻴﺚ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺒﺎﺩﻳﺔ ﻣﺠﺮﺩ ﺧﺰﺍﻥ ﻓﻼﺣﻲ ﻭﺑﺸﺮﻱ ﻟﺘﺰﻭﻳﺪ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺍﻟﻤﻴﺘﺮﻭﺑﻮﻝ ﺑﻤﺎ
ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺩ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻭﻃﺎﻗﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ. ﻭﻷﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ، ﺑﺪﺃﺕ ﻣﺴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ
ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺒﻼﺩ. ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﻴﻤﻴﻦ
ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﻦ؛ ﻓﻴﻬﻢ ﺇﺭﻳﻚ ﻵﺑﻮﻥ (ﻣﺎﺭﺱ -1946 ﻣﺎﻱ 1947 )، ﻭﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻻﻥ ﺃﻟﻔﻮﻧﺲ
ﺟﻮﺍﻥ ( ﻣﺎﻱ -1947 ﻳﻮﻟﻴﻮﺯ ) 1951 ﻭ ﺃﻭﻏﻮﺳﺘﺎﻥ ﻏﻴﻮﻡ (ﻳﻮﻟﻴﻮﺯ -1951 ﻳﻮﻧﻴﻮ
1954 )35( )، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺘﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﻤﺘﺨﺬﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ
ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ ﻭﺗﻬﻤﻴﺶ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺛﺮﻭﺍﺗﻬﻢ ( ﺍﻟﻤﺎﺀ،
ﺍﻷﺭﺽ، ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ، ﺍﻟﻘﺮﻭﺽ، ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﺊ، ﺍﻟﻄﺮﻕ، ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ، )... ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﻣﺼﺎﻟﺢ
ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﻴﻦ ﺑﻜﻞ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺒﻼﺩ. ﻣﺎ ﺃﺫﻯ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﺮﻙ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺃﺕ ﻓﻲ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺧﻄﺮﺍ ﻳﻬﺪﺩ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ
ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، ﻷﻧﻬﺎ ﺳﺘﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﻨﺎﻕ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ،
ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺸﺘﺪ ﻋﻮﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ، ﻛﻤﻨﻘﺬ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻭﺿﻌﻴﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﺰﺭﻳﺔ .)36( ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ
ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ . ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻣﺮﺗﺒﻂ
ﺃﺳﺎﺳﺎ ﺑﻘﺪﻭﻡ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ )...( ﻭﺃﻥ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ
ﺑﺎﻟﺠﺒﺎﻝ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻤﺪﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﻮﻳﺎ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﻣﺘﺰﺍﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻔﺘﺮﺍﺕ )...( ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﻄﺎﻟﺐ
ﻭﺍﺿﺤﺔ ﺳﻨﺔ 1934 ﺑﻬﺪﻑ ﺇﺻﻼﺡ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ
ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭﺇﺧﺮﺍﺟﻬﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﺒﻼﺩ )37(ﺑﺸﻜﻞ ﻧﻬﺎﺋﻲ. ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﻤﺸﺤﻮﻥ ﺑﺘﻮﺗﺮﺍﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ
ﻭﺑﺄﺣﺪﺍﺙ ﻣﺴﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﺑﺪﺃﺕ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺑﺒﺎﺭﻳﺲ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ )38( ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﺔ ﺑﻬﺪﻑ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﻼﻝ، ﻭﻭﻗﻊ
ﺑﺮﻭﺗﻮﻛﻮﻝ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎﻁ ﻳﻮﻡ 11 ﻓﺒﺮﺍﻳﺮ 1956 ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻣﻨﻪ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ
ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﺘﺴﻴﻴﺮ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .)39( ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻊ ﺩﺍﺭﺱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ
ﺭﻳﻤﻲ ﻟﻮﻓﻮ ﻟﻠﻘﻮﻝ: " ﺇﻥ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ، ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﻬﺎﺯ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻟﻠﻌﺎﺻﻤﺔ، ﻻ ﻳﻌﻨﻲ
ﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ، ﺇﻻ ﻧﻘﻼ ﻟﻠﻮﺩﺍﺋﻊ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺒﺮﺟﻮﺍﺯﻳﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ" .)40( ﻓﻜﺎﻥ
ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻠﻰ ]ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ [ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻓﻲ 2 ﻣﺎﺭﺱ .1956 ﻭﺃﻟﻐﻴﺖ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ
ﺍﻻﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻤﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻓﻲ 7 ﺃﺑﺮﻳﻞ ﺑﻌﺪﻩ .)41( ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻜﻞ، ﺍﺧﺘﺼﺮ
ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ " ﺑﻮﻝ ﺑﺎﺳﻜﻮﻥ" ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺮﻭﺭﺓ ﺑﻘﻮﻟﻪ: "ﺇﻧﻪ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻠﺨﺺ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ ﻟﻠﺜﻼﺙ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻗﺐ
ﺃﺭﺑﻊ ﻇﻮﺍﻫﺮ: ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻣﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﻤﺮﻳﻦ، ﻭﻇﻬﻮﺭ ﻣﻌﻤﺮﻳﻦ ﻣﻐﺎﺭﺑﺔ
ﺟﺪﺩ، ﻭﺇﻧﺸﺎﺀ ﻗﻄﺎﻉ ﻟﻺﺻﻼﺡ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ، ﻭﺳﺒﺎﻕ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻬﺪ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﺿﺢ ﺑﻌﺪ ﻧﺤﻮ
ﺍﻣﺘﻼﻙ ﺍﻷﺭﺽ .)42( " - ﺍﻟﻬﻮﺍﻣﺶ: .1 ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻗﺒﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ، ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ .1822-1792 ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭ . ﺗﺮﺟﻤﺔ : ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺒﻴﺪﺓ. ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ. ﺹ .13 : .2 ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﻤﻌﺎﻕ، ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ
ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .1912-1830
ﺩ،ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻨﻲ. ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻛﻮﻧﺮﺍﺩ ﺃﺩﻧﺎﻭﺭ. .3 ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻗﺒﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ، ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ .1822-1792 ﺹ .74 : .4 ﻣﺨﺰﻧﻲ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ: ﻭﻫﻮ
ﻛﻤﺎ ﻳﻀﻌﻪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ (ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﻬﺮﻭﻱ :) ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﺰﻡ ﻭﻧﺴﻖ ﻭﺃﺩﺍﺓ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﻧﻤﻂ ﺇﺭﺛﻲ
ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﻳﺤﺘﻜﺮﻫﺎ ﻭﻳﻤﺘﻠﻚ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ. ﻭﻟﻘﺪ ﺍﺷﺘﻖ
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻣﺨﺰﻥ (ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ : ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺑﻴﺎﺽ ) ﻣﻦ ﺧﺰﻥ ﺃﻱ ﺣﺎﻓﻆ ﻭﺍﻛﺘﻨﺰ ﻭﺍﺫﺧﺮ . ﻛﻤﺎ
ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺰﻧﻴﺔ ﺍﻟﺼﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ
ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﺎﺕ
ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺗﻌﻜﺲ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻪ ﻛﺄﻣﻴﺮ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ( ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭ .)
.5 ﺗﺤﻮﻻﺕ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ، ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺆﺟﻠﺔ. ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﻌﻄﺮﻱ. ﺩﻓﺎﺗﺮ
ﺍﻟﺤﺮﻑ ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ، ﺳﻼ. ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ .2009 ﺹ .24: .6 ﺃﻣﻼﻙ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ
ﺑﺎﻟﺒﺎﺩﻳﺔ. ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺠﻴﺪﻱ. ﻣﻘﺘﻄﻒ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ: ﺍﻟﺒﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ. ﺗﻨﺴﻴﻖ:
ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻮﻃﺎﻟﺐ . ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎﻁ . ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ. .1999
ﺹ: .103 .7 ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ . ﺹ: .106 .8 ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ ﻭﺍﻟﻀﺮﻳﺒﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ،
ﺿﺮﻳﺒﺔ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ 1915-1880 ، ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺑﻴﺎﺽ . ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﺮﻕ. ﺹ: .22 .9
ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﻤﻌﺎﻕ، ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ . ﺩ ,ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻨﻲ. ﻣﺆﺳﺴﺔ
ﻛﻮﻧﺮﺍﺩ ﺃﺩﻧﺎﻭﺭ. ﺹ .10 .18 : ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ ﻭﺍﻟﻀﺮﻳﺒﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ . ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ . ﺹ:
.158 .11 ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻭﺍﻹﻗﻄﺎﻉ ﻭﺍﻟﻤﺨﺰﻥ، ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ...
Page suivante