دور الصفيح و السكن غير اللائق

l

و أنا أتابع نشرة الأخبار المعتادة على قناتنا العزيزة، و بعد انتظار طويل، وصبر كبير، للإطلاع على أخبار المواطن، بعد أن مللت من أخبار المسؤولين، فوجئت بخبر مفرح و مقلق في نفس الوقت، وهو أن الأحياء الفقيرة و حسب الوزارات المكلفة، لم تعد موجودة، فقد تم محو دور الصفيح و توزيع ''كراطين للسكن" من خلال مشاريع ترمي إلى محاربة السكن العشوائي أو كما يسميه الضالعون في العلم " السكن غير اللائق"، لأن هذا النوع من السكن و المنازل لا تليق بالمستوى الذي وصلنا إليه –نحن بني الفقراء- رفقة بني الوزراء ، إذ وجب علينا و انطلاقا من ارتفاع مدخولنا السنوي و انخفاض مستوى الفقر،وجب علينا السكن في منازل راقية و في عمارات شاهقة، و التخلي عن البراكات التي تشوه المنظر العام لدولة الغد، و التي نعتبرها نحن لائقة بامتياز فهي على الأقل تكفي لإيوائنا جميعا و لسنا مضطرين لنهج حلول أخرى كالتي ننهجها حاليا كي تأوينا المنازل اللائقة، فنحن لسنا مضطرين للتناوب على النوم في المرحاض، كما أننا لا نتصارع على من ينام في الغرفة.
الغريب في الأمر أن محو دور الصفيح و محاربة السكن غير اللائق لم تواكبه إصلاحات من أجل تحسين الخدمات المقدمة في المرافق و الإدارات العمومية، فالمدارس هي نفسها تلك التي يضطر فيها التلاميذ للتنقل إليها على ظهر الدواب، و هي نفسها التي لا تتوفر إلا على ثلاث حجرات للتدريس، و يرتادها كل أطفال الحي،و ينام فيها المعلم. الجماعة المحلية، هي نفسها الجماعات التي نضطر فيها للانتظار ساعات طوال من اجل قضاء مصالحنا، و المستشفى هو نفسه تلك البناية التي تفتقر للأطباء و الممرضين، و لا تتوفر إلا على كم هائل من المرضى و المعطوبين الذين يضطرون للتداوي بالطرق التقليدية أو السفر إلى مدن بعيدة لتلقي العلاج، و هو المكان ذاته الذي نتعرض فيه للابتزاز صباح مساء، و نضطر فيه لدفع مبالغ مالية بالرغم من أنه مستشفى عمومي.
الدولة إذن، وانطلاقا من انخراطها في مسلسل الإصلاح و في أوراش تنموية مهمة،كان لزاما عليها محو دور الصفيح من على الوجود، كي يبقى البلد نقيا من أي شائبة قد لا تنال إعجاب أوروبي، قد يزورنا، أو قد لا تتناسب و تصريحات مسؤولينا بالخارج و على وسائل الإعلام، ليقوموا بترحيل السكان من داخل براكاتهم الواسعة تجاه علب سكنية ضيقة، قد لا تكفي لإيوائهم، مع الاحتفاظ غير المفهوم برداءة الخدمات المقدمة في المرافق العمومية لهذه الأحياء، و كذا المستوصفات و مختلف الخدمات، ظانين بأن التنمية تكمن فقط في تحسين الواجهة، و توفير العلب للمواطنين، الذين لم يكونوا في حاجة للعلب السكنية بقدر ما كانوا بأمس الحاجة لمستشفيات مجهزة، و بمدارس لائقة و جماعات محلية مناضلة و خدومة للشعب.

الحملة إذن، أو الورش الكبير الذي وجب على الدولة الانخراط فيه، هو محو المحسوبية، محو الفساد الانتخابي، و توفير البنيات التحتية للمواطن، بالإضافة بالطبع لمحو دور الصفيح مع توفير بدائل مقبولة.
هذا كله مجمل فهمي و تحليلي و كذا تعليقي، على ما جاء في مضمون نشرة أخبار القناة، و التي ندمت على متابعتها، بعد انتظاري الطويل أمام شاشة التلفاز أراقب عشرات الوزراء ببذلات مختلفة، يجولون بين الشوارع و المكاتب، و يتحدثون و يتصورون أمام عدسات الكاميرات المختلفة لمدة قد تقارب نصف مدة النشرة الإخبارية.


مصطفى جليل

وخلاصة القول وحسب ما جاء في الخطة التي يقودها الملك محمد السادس ,يتوقع ان يتحقق عام 2010م هدف استكمال ازالة المدن الصفيحية من كافة ارجاء المغرب واحلال مكانها مساكن عصرية منظمة بها كافة الخدمات لساكني تلك الاكواخ بأسعار رخيصة مع تيسير في دفع اثمانها لسنوات طويلة.

نحن الان على مشارف نهاية 2011 ومدن الصفيح لا زالت تشهد على عدم قدرة الدولة على محاربتها. بل نجدها تتكاثر .
فمن المسؤول عن ذلك؟؟؟؟