غباوة العقل

من طرف BASSO BENGRIRE الأحد 3 يناير - 13:54

تعب العقل من العقل فطلب يد الجهالة ،غير أنها طلبت منه الإقلاع عن عاداته السيئة،.أحس العقل بالإهانة فسأل الجهالة مغتاظا: أتعتقدين أن للعقل عادات سيئة ….
ضحكت الجهالة حتى دمع بريق البلادة في عينيها الفارغتين.أول عادة أنك متزوج ولك أبناء فكيف قررت الزواج بي في ظل هذا
الجو المحموم. جحظت عينا العقل مبرئا ذمته من التهمة الكبيرة التي تمادت الجهالة في تأكيدها …قال العقل إذا أردت أن تتأكدي من الخبر
فابحثي عنه بنفسك، ولا تثقي بأقوال الوشاة ،فإن لي أعداء كثيرين، لن يسمحوا بزواجي منك ،قالت الجهالة :ياسيدي العقل إن زوجاتك كثيرات يأتينني في كل صباح للاشتكاء من سوء معاملتك وتسلطك ’أنت الذي لم يعرف الحب إلى عقلك سبيلا …..استنكر العقل التهمة
وأصر على أن تؤكدها الجهالة ….او على الأقل أن تذكر أسماء زوجاته، اللاتي لم يعرف واحدة منهن، أخرجت الجهالة من جيبها لائحة طويلة وشرعت في تعداد الأسماء :وذكّرت العقل بترتيب زوجاته حسب الزمن والمكان، وتأسفت لأنه لم يحفظ عشرة الزوجة الأولى معددة فضائلها عليه ومعاناتها المريرة في مسيرتها معه وذكّرته باسمها النميمة وهي التي أهدته للعقل حيث لم يكن عاقلا قبل أن يسأل، ولم تثبت له صفة العقل إلا بعد السؤال، الذي دفعه لإنكار النميمة وتعويضها بزوجة ثانية هي الأنانية التي تمكنت بسلطتها من إحاطته برعايتها ،حتى صار كل الناس في عرف العقل جاهلين، وغدا كلّما تكلم نطق جملته الحديدية :أنا العقل أنصتوا إلي قبل كل شيء،وكلما رغب عضو في الكلام منعه لأنه لايملك ضوابط الحكمة والتروي ……وكلما تعبوا من انتظار دورهم في الكلام ،غادروا القاعة وتركوه معتنقا الأنانية أمام زوجته الأولى دون مراعاة لمشاعرها، مما دفع هاته الأخيرة لتشكو أمرها للسلطة التي لم تجد سبيلا لتنتقم منه إلاعن طريق الزواج ،وفعلا تمكنت من اختطافه من أحضان الأنانية ووضعته في قنينة قابلة للانفجار كلما اعترض عن مطالبها ،مما جعله يسلم بعدم التفكير في الزواج، لولا أن ريحا قادمة من الغرب أبطلت مفعول القنينة وحررت العقل من سلطة الرغبات ،فخرجت السلطة خائبة تشكو مصيبتها للسيدة بلادة التي أقنعتها أن عمر السلطة أقصر من عمر شمعة، فارتمت السلطة في الوادي لتغتسل من أدران التسلط .غير أن الوادي جذبها بعنف ثم ألقى بها ميتة فتهافتت الوحوش على جتثها، وحين ذاقت طعم التسلط استفادت منه في نظام الغاب ….كان العقل ينظر الى الجهالة في استغراب وهو يردد :أنت أعقل مني، فكيف سموك الجهالة ؟قالت الجهالة لانستشار في اختيار أسمائنا، لأننا نبدأ صما بكما ولانتعلم لعبة الكلام إلا بعد أن تفر منا فرصة الدفاع عن أنفسنا ؟قال العقل سأسميك العاقلة من اليوم وأسمي نفسي الجهل …………..قالت الجهالة معترضة :أنا أعلم جيدا أن تبادل الأسماء هذا ،تسعى من خلاله للتلبس باسمي حتى تتمكن من الشهرة ،وأنت تعلم أن شعبيتي واسعة وتدرك هذا جيدا في موسم الاقتراع ،كما تعلم جيدا أنني أتدخل في اللحظات العصيبة لفك النزاعات الكبرى عن طريق الدعوة الى التنازل لمطلق…. و تعلم أيضا ياسيدي العقل أنني أشتغل دون توقف مادُمتَ تشكو كسادا، وأنا أعلم جيدا أنك عاطل عن العمل أليس كذلك ؟ وعليك أن تعلم أننا لا يمكن أن نشتغل معا وزواجنا هو عطالة واحد منا ، وربما أنت لا تستسيغ أن تتزوج سيدة عاملة في اللحظة التي تكون فيها عاطلا، وهذا احتمال وارد …..أجاب العقل سريعا :لا ياسيدتي، نحن ننتمي لعصر جديد ويكفي أن يشتغل أحدنا ريثما يتدبر الثاني الأمر ،قالت الجهالة : اسمع ياسيدي العقل، إن فرص تشغيلك مستبعدة لأنك تجلب المشاكل وتنشط براكين الأسئلة الخامدة وتحول الأسلاك المنفصلة إلى شبكات،وحتى لو تجاوزت مشكل الشغل فستطرح لي مشاكل أخطر من سابقاتها قال العقل : وماهي ياسيدتي العقالة ؟
قالت العقالة : أرجو أن تحتفظ باسمي الأصلي ،حتى لو سقطتُ في شراكك ،السقوط الذي أستبعده لأنك محاط بالوساوس والشكوك مما لن يريحني في أحضانك،إذ ستسألني عن عدد ساعات العمل في اليوم ومع من أشتغل، وكم عدد الذكور في جناح الشغل ومع من أتكلم وكيف أحيي العاملين معي ؟ولماذا لايتردد العمال على أوضاعهم ؟ولماذا يبتسم المحتاجون ؟وكيف سيصير العالم بعد عشرين قرنا ؟ولماذا اخترع القابعون في المكاتب أجهزة تنوب عنهم في لحظات غيابهم الدائم ؟ولماذا لاينام الناس ليلا ونهارا ماداموا غير منتجين؟هذه الأسئلة ستدخل حتى غرفة النوم وتتعلق بالأفرشة وتتخلل لحظات يقتنصها العقل بالكاد أليس كذلك؟
لهذه الأسباب ياسيدي أعلن إلغاء العقد الذي كتبته في غيابي متوهما أن سلطة العقل، لن تهزمها الجهالة وانا أختلع

مع السلامة…………..
حمل العقل أسئلته وجلس على صخرة تسكن هامش البحر

منقول
عن مليكة صراري

باسو احبكم في الله

قصة الصراع بين العقل و الجهالة ذات معاني عميقة.

تحياتي للأخ باسو بن كرير

غباوة العقل

غباوة العقل

رد: غباوة العقل